عصر القرود
عصر القرود
عصر القرود بقلم د. مصطفى محمود ... “و لا يؤتى الرحمة إلا كل شجاع كريم نبيل .. و لا يشتغل بالانتقام و التنكيل إلا أهل الصغار و الخسة و الوضاعة .. و الرحمة هي خاتم الجنة على جباه السعداء الموعودين من أهل الأرض .. تعرفهم بسيماهم و سمتهم و وضاءتهم .. و علامة الرحيم هي الهدوء و السكينة و السماحة، و رحابة الصدر، و الحلم و الوداعة و الصبر و التريث، و مراجعة النفس قبل الاندفاع في ردود الأفعال، و عدم التهالك على الحظوظ العاجلة و المنافع الشخصية، و التنزه عن الغل و ضبط الشهوة، و طول التفكير و حب الصمت و الائتناس بالخلوة و عدم الوحشة من التوحد، لأن الرحيم له من داخله نور يؤنسه، و لأنه في حوار دائم مع الحق، و في بسطة دائمة مع الخلق .. و الرحماء قليلون، و هم أركان الدنيا و أوتادها التي يحفظ بها الله الأرض و من عليها .. و لا تقوم القيامة إلا حينما تنفد الرحمة من القلوب، و يتفشى الغلّ، و تسود المادية الغليظة، و تنفرد الشهوات بمصير الناس، فينهار بنيان الأرض و تتهدم هياكلها من القواعد .. اللهم إني أسألك رحمة .. اللهم إني أسألك مودة تدوم .. اللهم إني أسألك سكنا عطوفا و قلبا طيبا .. اللهم لا رحمة إلا بك و منك و إليك”